خصائص الأراضي الحكومية ذات

المساحات الشاسعة الطبيعية

وأفكار استثمارها

د.محمد بن يحيى آل مفرح

مستشار الاستدامة والاستثمار

يشير الواقع بوضوح إلى وجود الكثير من الأصول الحكومية الملموسة ذات المساحات الشاسعة والطبيعية (قد تصل الأرض الواحدة إلى مساحة تفوق نصف مليار متر مربع) وهي غير مستفاد منها بيئياً أو اجتماعياً أو مالياً، إضافة إلى كونها تمثل عبئاً إدارياً ومالياً كبيراً على مؤسسات القطاع العام.. وعدم وجود أو ظهور أي نموذج عمل ناجح قائم على أسس علمية وتطبيقية يمكنه المساهمة في تخطي هذا الواقع الواضح..

مما يقتضي توظيف مفهوم الاقتصاد المعرفي لإحداث التغيير اللازم، وهو ما يقودنا إلى أهمية حصر خصائص هذا النوع من الأصول الحكومية.. وربطها بمفاهيم الاستثمار وتنمية الموارد المالية..

الخاصية الأولى: المساحات الشاسعة التي تحتم التعامل بمرونة أكبر في حالة الرغبة في التأجير والاستثمار..

(المثال أ): متنزه وادي وثيلان الوطني بجنوب الرياض: 590كلم2

(المثال ب): متنزه الملك سلمان البري بنبان شمال الرياض: 3كلم2

التحدي: وفق النظام الحالي لو أراد مستأجر صغير الحصول على موقع للبيع من خلال كشك أو عربة بيع متنقلة.. يتطلب النظام طرح منافسة عامة.

بينما يمكن الدخول من منطلق السماح للجهات مالكة هذه المواقع بتحديد مساحات كافية وتقسيمها وإتاحتها للتأجير وفق الطلب بالأولوية.. وفي حالة وجود تنافس على مواقع محددة، يمكن حينها الانتقال إلى طرح منافسة عامة.  

الخاصية الثانية: كثرة المساحات المتاحة للاستثمار والتي قد تؤدي إلى كثرة العرض وعدم تقدير قيمة المواقع المميزة.. إضافة إلى عدم التنسيق في الطرح بين الجهات مالكة الأصول،

(المثال أ): مساحة المراعي في السعودية تتخطى 70% من مساحة السعودية

(المثال ب): عدد الحدائق العامة في محافظة الرياض فقط تتخطى 700 حديقة عامة.

التحدي: وفق النظام الحالي صور الاستثمار محصورة بشكل رئيسي في التأجير.

بينما يمكن توسيع صور الاستثمار إلى العمل وفق طلب المستثمرين، وابتكار صور استثمارها بطرق نوعية طرح حقوق الإدارة وامتياز التطوير والتسويق.

الخاصية الثالثة: ارتباط هذه العقارات بالبيئة والطبيعة والغطاء النباتي مما يستوجب فرض اشتراطات للحفاظ عليها وتنميتها في أي مشروع استثماري، ومنها عمل دراسة الأثر البيئي ومراعاة عدم التأثير على النباتات والطبيعة وغيرها وإلا تعرض المستخدم والمستثمر لغرامات وعقوبات نظامية.. مما يرفع التكلفة على المستثمر ويزيد مخاطر الاستثمار..

وهذا يعني أهمية المشاركة في التمويل وتطوير المشاريع وإعداد الفرص بدقة للمستثمرين، ووضع ضوابط بيئية كاملة وواضحة ليكون المستثمر على بينة كاملة.

إضافة إلى مخاطر فتح هذه المواقع للزوار والمستفيدين دون أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة أخطار مختلفة مثل وجود حيوانات سامة ومفترسة أو السقوط من الارتفاعات أو مداهمة السيول وغيرها.. وهذا يعني أهمية وجود خطط كاملة لكل موقع قبل إتاحته.

الخاصية الرابعة: كون هذه العقارات يقع كثير منها خارج النطاق العمراني –على الأغلب- وبعيداً عن المدن ولا يسهل مراقبتها وتطبيق أنظمة الجهات الحكومية الأخرى (مثل البلدية والدفاع المدني وهيئة الغذاء والدواء..) إلا بتكاليف عالية، إضافة إلى التداخل الكبير بين صلاحيات الجهات المختلفة.. وارتفاع تكلفة الرقابة،

ولذا فيكون من المناسب إعفاء المستثمر في هذه المواقع من الحاجة إلى متابعة تراخيص كلّ جهة والتعرض لمخالفاتها.. وتتولى الجهة مالكة العقار توفير هذه الخدمة ضمنياً وتولي المسئولية الكاملة عن الاشتراطات ومراقبة الاستثمارات في داخل مواقعها..

إضافة إلى الحاجة إلى ابتكار صيغ عقود جديدة تسهل دمج الخدمات مع فرص الاستثمار المطروحة مثل دمج عقود بيع حقوق الإدارة والاستثمار، وتقديمها للمستثمرين على غرار عقود الصيانة والاستثمار..

الخاصية الخامسة: ارتفاع تكلفة تقديم الخدمات بجودة واستمرارية، فعقود إيصال الخدمات الأساسية وإنشاء البنى التحتية والصيانة والتشغيل للمساحات الكبيرة والتي تقع خارج النطاق العمراني على سبيل المثال: تتطلب توفير وسائل نقل العمال، وسكنهم، وبدل مخاطر.. الخ مما يزيد من تكلفة ومخاطر المستثمرين.

ونظراً لكون تقديم هذه الخدمات مثل التطوير والترميم والصيانة من مسئوليات الحكومة ابتداءً، وعليه فيكون من المهم فتح الباب أمام نماذج الأعمال التي تسمح بتنوّع العوائد المالية وغير المالية ومقايضة تقديم الخدمات بحقوق استثمار المواقع المختلفة.

إضافة إلى العمل على ابتكار نماذج رأسمالية متعددة مثال تمويل المقاولين مقابل حقوق استثمارية ومنح فترات سماح لسداد رأس المال.

الخاصية السادسة: الكثير من فرص الاستثمار في هذه العقارات قد تكون جديدة على النظام العام وتتطلب مرونة وتسهيلات من نوع خاص لإطلاقها، مثل رغبة المستثمرين في إنشاء غابات خاصة، أو إنشاء سفاري، أو محميات للصيد، أو إطلاق خدمات المغامرات الخطيرة والطيران الشراعي أو المائي.. وغيرها.