نظرة على المتنزهات الوطنية 
في أغلب الدول المتقدمة توجد ثروة وطنية يجب العمل على استدامتها واستثمارها للجيل الحالي والاجيال القادمة، هذه الثروة هي (المتنزهات الوطنية National Parks). 
يعرف المتنزه الوطني انه مكان يُستخدم لأغراض الحفاظ على البيئة ويعد محمية للأراضي الطبيعية أو شبه الطبيعية أو المطورة التي تعلن عنها دولة ذات سيادة أو تمتلكها. الفكرة المشتركة هي الحفاظ على «الطبيعة البرية» للأجيال القادمة بالإضافة لكونها رمزًا من رموز الاعتزاز الوطني (١). 
كما تقوم الدول بتخصيص المتنزهات الوطنية لأغراض الترفيه  أو المصلحة التاريخية أو العلمية أو الثقافية أو الروحية.. ويتم الاحتفاظ بمعظم المناظر الطبيعية والنباتات والحيوانات المصاحبة في حالتها الطبيعية(٢). 
فالمتنزه الوطني مساحة أرضية أو مائية تتميز بالغنى الواضح بالتراث الطبيعي (التنوع النباتي والحيواني والأحياء الدقيقة) تتعايش فيما بينها وفق نظم بيئية معينة وقد يكون بعضها معرضاً للتدهور، تخصص هذه المنطقة لحماية الأحياء التي تقطنها بحيث تكون هذه الحماية هي المنظم للعلاقة بين النشاطات البشرية والمواقع الحيوية وخاصة السكان القاطنين في المحمية أو حولها، والذي سبق لهم الاستفادة من مواردها الطبيعية المتعددة(٣).
وهذا يعني ان الدول تقوم بإنشاء وتنمية قطاع المتنزهات الوطنية وذلك لإستدامه العمليات الطبيعية والحفاظ على تجمعات الأنواع المحلية وطرق الهجرة؛ وحتى تمكن المتنزهين من ممارسة ومشاهدة النشاطات الملهمة والتعليمية والثقافية والترفيهية على مستوى لا يتسبب في تدهور بيئي كبير للموارد الطبيعية؛ وحتى تلبي احتياجات السكان الأصليين والمجتمعات المحلية، بما في ذلك استخدام الموارد بقدر ما لن تؤثر سلباً على الاستدامة وبحيث تساهم في الاقتصاد المحلي من خلال السياحة.

وحتى يتحقق ما سبق، فغالبا ما تكون للمتنزهات الوطنية سمات مشتركة منها انها ذات مساحات كبيرة وتحافظ على "نظام إيكولوجي" عامل و قد تحتاج إلى وجود إدارة تفهم هذا الدور، وتحتوي على السمات أو المناظر البيولوجية والبيئية، حيث تكون الأنواع النباتية والحيوانية الأصلية والموائل ومواقع التنوع الجغرافي ذات أهمية روحية أو علمية أو تعليمية أو ترفيهية أو سياحية خاصة.
وذات حجم كاف ونوعية كافية للحفاظ على الوظائف والعمليات البيئية التي تسمح للأنواع والمجتمعات المحلية بالاستمرار على المدى الطويل مع الحد الأدنى من تدخل الإدارة، والتكوين و التنوع البيولوجي إلى درجة كبيرة في حالة "طبيعية" مع مخاطر منخفضة للغزو الناجح من قبل الأنواع غير الأصلية مثل وجود نباتات من مناطق أخرى. 
يبرز دور وأهمية المتنزهات الوطنية في حماية العمليات البيئية واسعة النطاق التي ستفتقدها المناطق المحمية الأصغر أو المناظر الطبيعية الثقافية، وحماية خدمات النظام البيئي المتوافقة؛ وحماية أنواع ومجتمعات معينة تتطلب مساحات كبيرة نسبيًا من الموائل غير المضطربة؛ وتوفير "تجمع" من هذه الأنواع للمساعدة في تسكين المناطق المدارة باقتدار حول المنطقة المحمية، وللتكامل مع استخدامات الأراضي أو المياه المحيطة للمساهمة في خطط الحفظ واسعة النطاق؛ ولإعلام الزوار وإثارة اهتمامهم بالحاجة إلى برامج الحفظ وإمكاناتها؛ودعم التنمية الاقتصادية من خلال الترفيه والسياحة، التي يمكن أن تسهم في الاقتصادات الوطنية وخاصة في المجتمعات المحلية، ومعالجة قضايا السكان المستقرين في المنطقة ومسائل النزوح، والتعويض (بما في ذلك مجتمعات الصيد النازحة من المناطق المحمية البحرية والساحلية)، وخيارات سبل العيش البديلة والنهج المتغيرة للإدارة، وكلها مواضيع ناشئة. 

حيث نشأ مفهوم المتنزه أو المحمية الطبيعية (٤) الخاضعة لملكية الدولة في الولايات المتحدة في عام 1870 وأن أول منتزه من هذا النوع في العالم كان منتزه يلوستون الوطني في وايومنغ ، والذي تم إنشاؤه من خلال تشريع وقعه رئيس الولايات المتحدة. يوليسيس س. جرانت في عام 1872. ومع ذلك، جادل بعض علماء الطبيعة وغيرهم بأن هناك أدلة تشير إلى أن إنشاء يلوستون قد سبقه إنشاء حديقة جبل بوجد خان الوطنية في منغوليا، والتي قد يرجع تاريخها إلى عام 1778.
تم إنشاء حدائق يوسمايت وسيكويا وجنرال جرانت الوطنية في الولايات المتحدة في عام 1890، وخلال هذا الوقت نمت فكرة حماية المناطق الطبيعية ذات المناظر الخلابة من أجلها إلى مفهوم السياسة الوطنية الأمريكية. تم توسيع نظام المتنزهات الوطنية خلال العقود التالية، وتم إنشاء خدمة المتنزهات القومية الأمريكية (NPS) في عام 1916 لإدارة المتنزهات. بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين، أدارت NPS أكثر من 400 منطقة منفصلة تشكل حوالي 85 مليون فدان (34 مليون هكتار). بالإضافة إلى المتنزهات الوطنية، شمل النظام المحميات الوطنية والمعالم الأثرية ومناطق الترفيه وشواطئ البحار وشواطئ البحيرات والمتنزهات والمواقع التاريخية والمتنزهات والمسارات ذات المناظر الخلابة وساحات القتال.
ثم ظهرت الحركات لصالح المتنزهات الوطنية في العديد من البلدان الأخرى، بدءًا من كندا، التي أنشأت أول ثلاث متنزهات وطنية في منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر. تم الحفاظ على المحميات الطبيعية في أوروبا لعدة قرون لحماية مناطق الصيد لاستخدامها من قبل الملوك والنبلاء، ولكن إنشاء المتنزهات الوطنية الحديثة والمحميات الطبيعية لم يكتسب زخمًا إلا بعد الحرب العالمية الأولى أو، في بعض الحالات، بعد الحرب العالمية الثانية. 
أنشأت بريطانيا الجهاز الإداري لكل من المتنزهات الوطنية والمحميات الطبيعية في عام 1949. كما بدأت في إنشاء متنزهات وطنية في الهند ومستعمراتها الأفريقية بعد الحرب، واستمرت هذه الممارسة وتوسعت من قبل تلك الدول الجديدة بعد حصولها على الاستقلال. وأنشأت اليابان والمكسيك أول منتزهاتهما الوطنية في ثلاثينيات القرن الماضي. 
ثم أعلن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في عام 1969 عن أن المتنزه الوطني هو منطقة كبيرة نسبيًا وذو خصائص محددة منها وجود نظام بيئي واحد أو أكثر لا يتغير بشكل جوهري بسبب الاستغلال البشري، وتكون السلطة العليا المختصة في البلد قد اتخذت لحمايته ولفرض احترام المعالم البيئية فيه، ويُسمح للزوار بالدخول، في ظل شروط خاصة، لأغراض الهامية وتعليمية وثقافية ومجددة للنشاط السياحي. 
وجرى توسيع هذه المعايير في عام 1971 بشكل أكبر لتؤدي إلى تشكيل معايير أكثر وضوحًا وتحديدًا لتقييم المتنزه الوطني. وتشمل أن الحدّ الأدنى لمساحة المتنزه 1000 هكتار داخل المناطق التي تحظى فيها حماية الطبيعة بالأولويات، وأن الحماية القانونية الدستورية قائمة، ووجود الميزانية والموظفين بما يكفي لتوفير حماية فعالة كافية. وحظر استغلال الموارد الطبيعية (بما في ذلك تطوير السدود) المؤهلة لأنشطة مثل الرياضة والصيد وصيد الأسماك، والحاجة إلى الإدارة، والمرافق، وما إلى ذلك.

(1)
Europarc Federation (eds.) 2009, Living Parks, 100 Years of National Parks in Europe, Oekom Verlag, München
(2)
Encyclopaedia Britannica
(3)
Friendsofnature.fandom.com/ar/wiki
(4)
Gulez, Sumer (1992). A method of evaluating areas for national park status