قطاع الترفيه يُعتبر عاملاً هاماً في الحراك الاقتصادي للدول على مستوى العالم اليوم.. سأمثل لذلك من خلال نموذج في أقصى الغرب وآخر في أقصى الشرق وثالث من دولنا العربية..

النموذج الغربي في الولايات المتحدة الأمريكية ذكر تقرير لمؤسسة  the Outdoor Foundation (عام2010م) أنّ الترفيه يسهم بما قيمته 730 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد الأمريكي، ويدعم 6.5 مليون وظيفة في جميع أنحاء البلاد ويضيف 88 مليار دولار في الإيرادات الضريبية الاتحادية والفيدرالية كل عام. 

وفي النموذج الشرقي سنذهب إلى اليابان.. تولي الحكومة لصناعة التسلية والترفيه في البلاد أهمية كبرى، ووفقاً لتصنيفات عالمية متخصصة في الترفيه فإنّ ثلاثاً من المدن الترفيهية الخمس الأكثر جذباً للزوار على مستوى العالم تقع في اليابان:

1- طوكيو ديزني لاند والتي تحصلت على ٣٠ مليون زائر سنوياً

2- طوكيو ديزني سي والتي يفد إليها 1٠ مليون زائر سنوياً

3- مدينة يونيفرسال ستوديوز الترفيهية ويزورها ١١ مليون زائر سنوياً

وقد نسب إليها الخبراء الفضل في نشوء تأثير اقتصادي تراكمي وصل إلى ١,٥ تريليون ين.. ووفقا لمسح أجرته وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، فقد سجلتْ مدن الملاهي في اليابان مبيعات قُدِّرت بـ ٦٢٨.٩ مليار ين في السنة المالية ٢٠١٤م..

وإضافة إلى ما هو معروف من كون اليابان تتصدر قائمة الدول المنتجة للمسلسلات الإلكترونية والألعاب الترفيهية، فتجد الملايين من المعجبين حول العالم يتابعون بشغف جديد مسلسلات وحلقات المانغا والأنمي اليابانية وغيرها الكثير..

وقبل أن أنتقل للنموذج الثالث.. أستشهد بالعبارة التي ابتدأ بها مايكل وولف كتابه عن اقتصاد الترفيه، حيث كتب مؤكداً: (ليست صناعة السيارات، ولا الصلب، ولا الخدمات البنكية، بل الترفيه هو من يقود عجلة الاقتصاد في العالم)..

وقد احتوى الكتاب على إحصائيات ومعلومات ثرية عن حجم هذا الاقتصاد وتأثيره..

ومنه يؤكد وولف أنّ عنصر الترفيه يتحكم في كلّ اختيارات الناس؛ من المراكز التجارية التي يتبضعون منها، ومطاعم الوجبات السريعة التي يتناولون فيها غداءهم، ونوع ملابس النوم التي يشترونها لأطفالهم، وخطوط الطيران التي يقررون السفر خلالها..

الترفيه ليس رفاهية، بل احتياج أساسي، لا يقلّ أهمية عن التعليم والصحة الخدمتين اللتين تأخذان الكثير من اهتمام الحكومات على السواء في الدول النامية والصناعية، وتلعبان دوراً كبيراً في تشكيل التوجهات السياسية والاستقرار الاجتماعي.. لا سيما وقد أصبح الترفيه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالبرامج التعليمية للصغار والكبار، ومرتبطاً بالأنشطة الرياضية للهواة والمحترفين، ومرتبطاً بالابداعات الإعلامية.. وغيرها من القطاعات الحيوية في حياة كل واحدٍ من البشر كلّ يوم..

النموذج الثالث الذي سأختم به المقال هو إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في قطاع الترفيه وناحية من الأثر الاقتصادي لذلك..

في دبي مثلاً: تمّ افتتاح مدينة "آي إم جي" للمغامرات، التي تشكل أكبر وجهة ترفيهية مغلقة ومكيفة في العالم، بكلفة استثمارية بلغت 3,7 مليارات درهم،

سبقتها الحديقة المائية "وايلد وادي" بمنزلقاتها الكثيرة، المصممة للصغار والكبار،

و"سيغا ريبابليك" في دبي مول، التي تحوي خمس مناطق من الترفيه لجميع الأعمار، وحلبة دبي للتزلج على الجليد في دبي مول، التي يفوق حجمها حجم الحلبات الأولمبية، والقائمة تطول عند سرد مراكز الترفيه في دبي.. وأثرها على الحركة الاقتصادية الذي يكفي فيه وصول عدد الزوار السنوي إلى ما يقارب خمسة عشر مليون سائح يقصدون دبي من كل أنحاء العالم.

وفي أبو ظبي طعم آخر للترفيه.. فقدْ دشنتْ عالم فيراري، وهو أول مدينة ترفيهية مستوحاة من سيارات فيراري الشهيرة، إضافة إلى حديقة ياس المائية التي تضم 43 زلاقة مائية.. وأيضاً القائمة تطووول..

في يناير 2017 أفاد تقرير صادر عن المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) في الإمارات بأن قطاع السياحة والسفر أسهم في اقتصاد البلاد بما قيمته 64 مليار دولار خلال عام 2016، ومن المتوقع مضاعفة هذا الرقم خلال السنوات العشر القادمة.. حيث قدم البحث رؤية لتنامي قيمة صناعة السفر والسياحة والترفيه في البلاد والتي تسير قدماً مع استراتيجية لتعزيز تطوير البنية التحتية.

د. محمد بن يحيي آل مفرح

مبتكر ومؤسس منظومة (الترفيه وفق الطلب - On-demand Entertainment )